موجات الصدمة الوبائية: الآثار بعيدة المدى لجائحة كوفيد-19 على عالمنا

تسببت جائحة كوفيد‑19، التي ظهرت في أواخر عام 2019، في اضطرابات عالمية ضخمة—أزهقت أرواح الملايين، وأدت لانهيارات اقتصادية، وغيّرت أنماط الحياة والعمل والتواصل. وبعد مرور خمس سنوات، لا يزال العالم عرضة للخطر بسبب ضعف أنظمة الاستعداد وتلاشي الذاكرة المج
١١ محرم ١٤٤٧ هـ

أطلقت جائحة كوفيد-19 موجات صدمية غير مسبوقة في العالم، مما عطّل تقريبًا كل جانب من جوانب الحياة البشرية وكشف عن مواطن ضعف عميقة في أنظمتنا. فقد نشأ الفيروس في ووهان في أواخر 2019، وسرعان ما تحول إلى أزمة عالمية، أرهقت أنظمة الرعاية الصحية وأسفرت عن أكثر من 7 ملايين وفاة مباشرة، وربما حتى 33 مليون وفاة إضافية . اقتصاديًا، شهد العالم أعمق ركود منذ قرن: تراجع الناتج العالمي بأكثر من 3%، وارتفعت معدلات التضخم بين 2021 و2022، وتحملت الحكومات ديونًا غير مسبوقة لدعم الاقتصادات . انهارت صناعات مثل السفر والضيافة والطيران والتعليم تحت وطأة الإغلاق، وتصدّعت سلاسل التوريد العالمية، مما أدّى إلى موجة من "إلغاء العولمة" . وفاقمت الأوضاع الاجتماعية إذ تعطّل نحو 1.6 مليار متعلّم، وارتفعت أزمة الصحة النفسية—الاكتئاب والقلق بنسبة تزيد عن 25%—وأعاد العمل عن بُعد تشكيل الأدوار الجندرية والثقة الاجتماعية . سياسيًا، أدّت السلطات الطارئة في العديد من الدول إلى تآكل المؤسسات الديمقراطية وتغذية الاستقطاب ونشر المعلومات المضللة . ومن المفارقات، أن البيئة شهدت فترة راحة مؤقتة: خفّضت أنشطة السفر والصناعة الانبعاثات وحسّنت جودة الهواء . وعلى الرغم من حدوث اختراقات مذهلة في تطوير اللقاحات بسرعة والتطبيب عن بُعد مما منع كارثة أعظم ، تركت الجائحة ندوبًا مستدامة—مثل كوفيد طويل الأمد، ركود اقتصادي مزمن، تحوّلات جيوسياسية، وفجوات اجتماعية صارخة. وبينما نبني من جديد، تُعد هذه الكارثة العالمية تذكيرًا صارخًا بأنّ المرونة، والتعاون، والاستثمار في أنظمة الصحة العامة، وسرعة الاستجابة هي الأسس الجديّة للاستعداد لأزمات مستقبلية .

تعليق